الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: سيرة ابن هشام المسمى بـ «السيرة النبوية» **
قال ابن إسحاق : وقال حسَّان بن ثابت أيضاً يبكي حمزة بن عبدالمطلب : أتعرف الدار عفا رسمها * بعدك صوب المسبل الهاطل بين السراديح فأدمانة * فمدفع الروحاء في حائل ساءلتها عن ذاك فاستعجمت * لم تدر ما مرجوعة السائل دع عنك داراً قد عفا رسمها * وابك على حمزة ذي النائل المالئ الشيزي إذا أعصفت * غبراء في ذي الشَّبم الماحل والتارك القرن لدى لبدةٍ * يعثر في ذي الخروص الذابل واللابس الخيل إذ اجحمت * كالليث في غابته الباسل أبيض في الذروة من هاشم * لم يمر دون الحق بالباطل مال شهيدا بين أسيافكم * شلت يدا وحشي من قاتل أي امرىء غادر في أله * مطرورة مارنة العامل أظلمت الأرض لفقدانه * واسود نور القمر الناصل صلى عليه الله في جنة * عالية مكرمة الداخل كنا نرى حمزة حرزا لنا * في كل أمر نابنا نازل وكان في الإسلام ذا تدرأ * يكفيك فقد القاعد الخاذل لا تفرحي يا هند واستجلبي * دمعا وأذري عبرة الثاكل وابكي على عتبة إذ قطه * بالسيف تحت الرهج الجائل إذا خر في مشيخة منكم * من كل عات قلته جاهل أرداهم حمزة في أسرة * يمشون تحت الحلق الفاضل غداة جبريل وزير له * نعم وزير الفارس الحامل وقال كعب بن مالك يبكي حمزة بن عبدالمطلب : طرقت همومك فالرقاد مَسَهَّدُ * وجزعت أن سُلخ الشباب الأغيد ودعت فؤادك للهوى ضمرية * فهواك غوري وصحوك منجد فدع التمادى في الغواية سادرا * قد كنت في طلب الغواية تفند ولقد أنى لك أن تناهى طائعا * أو تستفيق إذا نهاك المرشد ولقد هددت لفقد حمزة هدة *ظلت بنات الجوف منها ترعد ولو أنه فجعت حراء بمثله * لرأيت راسي صخرها يتبدد قرم تمكَّنَ في ذؤابة هاشم * حيث النبوة والندى والسودد والعاقر الكوم الجلاد إذا غدت * ريح يكاد الماء منها يجمد والتارك القرن الكمي مجدلا * يوم الكريهة والقنا يتقصد وتراه يرفل في الحديد كأنه * ذو لبدة شئن البراثن أربد عم النبي محمد وصفيه * ورد الحمام فطاب ذاك المورد وأتى المنية معلماً في أسرة * نصروا النبي ومنهم المستشهد ولقد أخال بذاك هندا بشرت * لتميت داخل غصة لا تبرد مما صبحنا بالعقنقل قومها * يوما تغيب فيه عنها الأسعد وببئر بدر إذ يرد وجوههم * جبريل تحت لوائنا ومحمد حتى رأيت لدى النبي سراتهم * قسمين يقتل من نشاء ويطرد فأقام بالعطن المعطن منهم * سبعون : عتبة منهم والأسود وابن المغيرة قد ضربنا ضربة *فوق الوريد لها رشاش مزبد وأمية الجمحي قوَّم ميله * عضب بأيدي المؤمنين مهند فأتاك فلُّ المشركين كأنهم * والخيل تثفنهم نعام شرد شتَّان من هو في جهنَّم ثاويا * أبدا ومن هو في الجنان مخلَّد وقال كعب أيضاً يبكي حمزة صفية قومي ولا تعجزي * وبكي النساء على حمزة ولا تسأمي أن تطيلي البكا * على أسد الله في الهزة فقد كان عزاً لأيتامنا * وليث الملاحم في البزّة يريد بذاك رضا أحمدٍ * ورضوان ذي العرش والعزة وقال كعب أيضاً في أحد : إنك عمر أبيك الكريم * أن تسألي عنكك من يجتدينا فإن تسألي ثم لا تُكذبي * يخبرك من قد سألت اليقينا بأنا ليالي ذات العظام * كنا ثمالا لمن يعترينا تلوذ البجود بأذرائنا * من الضر في أزمات السنينا بجدوى فضول أولى وجدنا * وبالصبر والبذل في المعدمينا وأبقت لنا جلمات الحروب * ممن نوازي لدن أن برينا معاطن تهوى إليها الحقوق * يحسبها من رآها الفتينا تخيَّس فيها عتاقُ الجمال * صحما دواجن حمرا وجونا ودفَّاع رجلٍ كموج الفرات * يقدم جأواء جولا طحونا ترى لونها مثل لون النجوم * رجراجة تبرق الناظرينا فإن كنت عن شأننا جأهلا * فسل عنه ذا العلم ممن يلينا بنا كيف نفعل إن قلَّصت * عوانا ضروسا عضوضا حجونا ألسنا نشد عليها العصاب * حتى تدر وحتى تلينا ويوم له رهج دائم * شديد التهاول حامي الأرينا طويل شديد أوار القتال * تنفي قواحزه المقرفينا تخال الكماة بأعراضه * ثمالاً على لذَّةٍ منزفينا تعاور أيمانهم بينهم * كئوس المنايا بحد الظبينا شهدنا ككنا أولي بأسه * وتحت العماية والمعلمينا بخرس الحسيس حسَّان رواء * وبصريَّة قد أجمن الجفونا فما ينفللن وما ينحنين * وما ينتهين إذا ما نهينا كبرق الخريف بأيدي الكماة * يفجعن بالظل هاما سكونا وعلمنا الضرب آباؤنا * وسوف نعلم أيضاً بنينا جلاد الكماة وبذل التلاد * عن جل أحسابنا ما بقينا إذا مر قرن كفى نسله * وأورثه بعده آخرينا نشبّ وتهلك آباؤنا * وبينا نربي بنينا فنينا سألت بك ابن الزبعرى فلم * أنبأك في القوم إلا هجينا خبيثا تطيف بك المنديات * مقيما على اللؤم حينا فحينا تبجست تهجو رسول المليك * قاتلك الله جلفا لعينا بقول الخنا ثم ترمى به * نقي الثياب تقيا أمينا قال ابن هشام : أنشدني بيته: " بنا كيف نفعل " والبيت الذي يليه ، والبيت الثالث منه ، وصدر الرابع منه ، وقوله "نشبُّ وتهلك أباؤنا" والبيت الذي يلييه والبيت الثالث منه ، أبو زيد الأنصاري قال ابن إسحاق : وقال كعب بن مالك أيضاً في يوم أحد سائل قريشا غداة السفح من أحد * ماذا لقينا وما لاقوا من الهرب كنا الأسود وكانوا النمر إذ زحفوا * ما إن نراقب من آل ولا نسب فكم تركنا بها من سيد بطل * حامي الذمار كريم الجد والحسب فينا الرسول شهاب ثم يتبعه * نور مضىء له فضل على الشهب الحق منطقة والعدل سيرته * فمن يجبه إليه ينج من تبب نجد المقدم ماضي الهم معتزم * حين القلوب على رجف من الرعب يمضي ويذمرنا عن غير معصية * كأنه البدر لم يطبع على الكذب بدا لنا فاتبعناه نصدقه * وكذبوه فكنا أسعد العرب جالوا وجلنا فما فاءوا * ونحن نثفنهم لم نأل في الطلب ليسا سواء وشتى بين أمرهما * حزب الإله وأهل الشرك والنصب قال ابن هشام : أنشدني من قوله يمضي ويذمرنا إلى آخرها أبو زيد الأنصاري . قال ابن إسحاق : وقال عبدالله ابن رواحة يبكي حمزة بن عبدالمطلب . قال ابن هشام : أنشدنيها أبو زيد الأنصاري لكعب بن مالك . بكت عيني وحق لها بكاها * وما يعني البكاء ولا العويل على أسد الإله غداة قالوا * أحمزة ذاكم الرجل القتيل أصيب المسلمون به جميعا * هناك وقد أصيب به الرسول أبا يعلى لك الأركان هدت * وأنت الماجد البر الوصول عليك سلام ربك في جنان * مخالطها نعيم لا يزول ألا يا هاشم الأخيار صبرا * فكل فعالكم حسن جميل رسول الله مصطبر كريم * بأمر الله ينطق إذ يقول ألا من مبلغ عني لؤيا * فبعد اليوم دائلة تدول وقبل اليوم ما عرفوا وذاقوا * وقائعنا بها يشفي الغليل نسيتم ضربنا بقليب بدر * غداة اتاكم الموت العجيل غداة ثوى أبو جهل صريعا * عليه الطير حائمة تجول وعتبة ابنه خرا جميعا * وشيبة عضه السيف الصقيل ومتركنا أمية مجلعبا * وفي حيزومه لدن نبيل وهام بنى ربيعة سائلوها * ففي أسيافنا منها فلول ألا يا هند فابكي لا تملي * فانت الواله العبرى الهبول ألا يا هند لا تبدي شماتا * بحمزة إن عزكم ذليل قال ابن إسحاق : وقال كعب بن مالك أبلغ قريشا على نأيها * أتفخر منا بما لم تلي فخرتم بقتلي أصابتهم * فواضل من نعم المفضل فحلوا جنانا وأبقوا لكم * أسودا تحامي عن الأشبل تقاتل عن دينها ، وسطها * نبي عن الحق لم ينكل رمته معدٌّ بعور الكلام * ونبل العداوة لا تأتلي قال ابن هشام : أنشدني : قوله "لم تلي " وقوله : "من نعم المفضل " أبو زيد الأنصاري . قال ابن إسحاق : وقال ضرار بن الخطاب في يوم أحد : ما بال عينك قد أزرى بها السهد * كأنما جال في أجفانها الرمد أمن فراق حبيب كنت تألفه * قد حال من دونه الأعداء والبعد أم ذاك من شغب قوم لا جداء بهم * إذ الحروب تلظت نارها تقد ما ينتهون عن الغي الذي ركبوا * وما لهم من لؤي ويحهم عضد وقد نشدناهم بالله قاطبة * فما تردهم الأرحام والنشد حتى إذا ما أبوا إلا محاربة * واستحصدت بيننا الأضعان والحقد سرنا إليهم بجيش في جوانبه * قوانس البيض والمحبوكة السرد والجرد ترفل بالأبطال شازبة * كأنها حدا في سيرها تؤد جيش يقودهم صخر ويرأسهم * كأنه ليث غاب هاصر حرد فأبرز الحين قوما من منازلهم * فكان منا ومنهم ملتقي أحد فغودرت منهم قتلى مجدلة * كالمعز أصرده بالصردح البرد قتلى كرام بنو النجار وسطهم * ومصعب من قنانا حوله قصد وحمزة القرم مصروع تطيف به * ثكلى وقد حز منه الأنف والكبد كأنه حين يكبو في جديته * تحت العجاج وفيه ثعلب جسد حوار ناب وقد ولى صحابته * كما تولى النعام الهارب الشرد مجلحين ولا يلوون قد ملئوا * رعبا ، فنجتهم العوصاء والكؤد تبكي عليه نساء لا بعول لها * من كل سالبة اثوابها قدد وقد تركناهم للطير ملحمة * وللضباع الى أجسادهم تفد قال ابن هشام : وبعض أهل العلم بالشعر ينكرها لضرار . قال ابن إسحاق : وقال أبو زعنة بن عبدالله بن عمرو بن عتبة ؛ أخو بني جشم بن الخزرج ، يوم أحد : انا أبو زعنة يعدو بي الهزم * لم تمنع المخزاة إلا بالألم يحمي الذمار خزرجي من جشم* ما نسب لعلي رضي الله عنه من الرجز يوم أحد قال ابن إسحاق : وقال علي بن أبي طالب قال ابن هشام : قالها رجل من المسلمين يوم أحد غير علي ، فيما ذكر لي بعض أهل العلم بالشعر ، ولم أر أحدًا منهم يعرفها لعلي لاهم إن الحارث بن الصمة * كان وفيا وبنا ذا ذمة أقبل في مهامة مهمة * كليلة ظلماء مدلهمة بين سيوف ورماح جمة * يبغي رسول الله فيما ثمة قال ابن هشام : قوله : "كليلة " عن غير ابن إسحاق قال ابن إسحاق : وقال عكرمة بن أبي جهل في يوم أحد كلهم يزجره أرحب هلا * ولن يروه اليوم إلا مقبلا يحمل رمحا ورئيسا جحفلا ما قاله أعشى بن زرارة التميمي يبكي قتلى أحد من بني عبدالدار وقال الأعشى بن زرارة بن النباش التميمي - قال ابن هشام : ثم أحد بني أسد بن عمرو بن تميم - يبكي قتلى بني عبدالدار يوم أحد : حيي من حيّ علي نأيهم * بنو أبي طلحة لا تصرف يمر ساقيهم عليهم بها * وكل ساق لهم يعرف لا جارهم يشكو ولاضيفهم * من دونه باب لهم يصرف وقال عبدالله بن الزبعرى يوم أحد : قتلنا ابن جحش فاغتبطنا بقتله * وحمزة في فرسانه وابن قوقل وأفلتنا منهم رجال فأسرعوا * فليتهم عاجوا ولم نتعجل أقاموا لنا حتى تعض سيوفنا * سراتهم وكلنا غير عزل وحتى يكون القتل فينا وفيهم * ويلقوا صبوحا شره غير منجلي قال ابن هشام : وقوله " وكلنا " قوله : " ويلقوا صبوحا " : عن غير ابن إسحاق . قال ابن إسحاق : وقالت صفية بنت عبدالمطلب تبكي أخاها حمزة بن عبدالمطلب : أسائلة أصحاب أحد مخافة * بنات أبي من أعجم وخبير فقال الخبير إن حمزة قد ثوى * وزير رسول الله خير وزير دعاه إله الحق ذو العرش دعوة * إلى جنة يحيا بها وسرور فذلك ما كنا نرجِّي ونرتجي * لحمزة يوم الحشر خير مصير فوالله لا أنساك ما هبت الصبا * بكاء وحزنا محضري ومسيري على أسد الله الذي كان مدرها * يذود عن الإسلام كل كفور فيا ليت شلوي عند ذاك وأعظمي * لدى أضبع تعتادني ونسور أقول وقد أعلى النعي عشيرتي * جزى الله خيرا من أخ ونصير بكاء وحزنا محضري ومسيري * قال ابن إسحاق : وقالت نعم ، امرأة شماس بن عثمان ، تبكي شماسا ، وقد أصيب يوم أحد : يا عين جودي بفيض غير إبساس * على كريم من الفتيان أبَّاس صعب البديهة ميمون نقيبته * حمَّال ألوية ركَّاب أفراس أقول لما أتى الناعي له جزعا * أودي الجواد وأودى المطعم الكاسي وقلت لما خلت منه مجالسه * لا يبعد الله عنا قرب شماس فأجابها أخوها ، وهو أبو الحكم بن سعيد بن يربوع ، يعزيها : فقال : إقنى حياءك في ستر وفي كرم * فإنما كان شماس من الناس لا تقتلي النفس إذ حانت منيته * في طاعة الله يوم الروع والباس قد كان حمزة ليث الله فاصطبري * فذاق يومئذ من كأس شماس ما قالته هند بنت عتبة بعد رجوعها من أحد وقالت هند بنت عتبة ، حين انصرف المشركون عن أحد : رجعت وفي نفسي بلابل جمة * وقد فاتني بعض الذي كان مطلبي من أصحاب بدر من قريش وغيرهم * بني هاشم منهم ومن أهل يثرب ولكنني قد نلت شيئا ولم يكن * كما كنت أرجو في مسيري ومركبي قال ابن هشام : وأنشدني بعض أهل العلم بالشعر قولها : " وقد فاتني بعض الذي كان مطلبي " وبعضهم ينكرها لهند ، والله أعلم .
|